Neetaj

ضربة معلم من نتفليكس كانت من خلال الوثائقي الذي أعدّته حول إليسا ، واستثمار ناجح في شخصية مثيرة للجدل ، لطالما رسمت علامات استفهام لدى من لا يعرفها جيّداً ويحكم على أقوالها وصورتها الخارجية ، فيراها البعض متعالية ، مغرورة وقاسية بعض الشيء ، في حين يؤكد من يعرفها عن كثب أنها "عكس اللي شايفينها" تماماً كما تقول في أغنيتها . كشفت إليسا خلال الوثائقي الممتد على 3 حلقات عن "الوجوه الأخرى" التي لم تكن ظاهرة في حياتها بهذه الشفافية ، وجه الأم ، الحبيبة ، الصديقة و الفنانة . كشفت أيضاّ عن وجه خالٍ من المساحيق في بعض اللقطات والمشاهد ، الأمر الذي يتطلب جرأة من نجمة في منتصف العمر لا يخيفها الزمن ولا التقدم في السن، بل تحتفظ بداخلها بروح طفلة مشاغبة ، تستسلم في أوقاتها الخاصة للعب واللهو ، تخلع حذاءها وتركض على العشب الأخضر في مرتع طفولتها ، متحررة من قيود الشهرة وأحكام المجتمع .

في هذا الوثائقي ، اكتشفنا نحن الذين لا نعرفها على المستوى الشخصي جيّداً إليسا الحقيقية ، وكما بدا أنها لم تفتعل هذه التلقائية ، بل هي جزء منها تتمثّل في مشاهد "غير موضّبة " إجتماعياً ، مثل غزوها المطبخ لالتهام المنقوشة في الليل ، وتناول سندويش الدجاج بالثوم في السيارة ، والشوبينغ في السوبرماركت ، الإعتراف بضياع فرص الأمومة ، ولعل أهمّها عدم الخوف من نتائج وعواقب الكشف عن لحظات الضعف في الحب والمرض والعائلة . إليسا التي بدت سعيدة في الحب مع ويليس الذي كشفت عن علاقتها به للمرّة الأولى ، كشفت أيضاّ عن العلاقة العاطفية السامّة التي عانت منها في الماضي لسنوات وكأنّها توجه درساّ لبنات جنسها بعدم الخوض في مثل هذه العلاقات المؤذية . هذا ليس الدرس الوحيد الذي تلقنه إليسا لمتابعي سيرتها على نتفليكس ، الدرس الآخر هو أهمية الارتباط بالعائلة ، الأصدقاء ، الوطن و الذكريات التي شكلّت محور القوة ونقطة الثقل في هذا الوثائقي .

استمتعنا دون شك بالتعرف إلى الوجوه الأخرى لإليسا ولا سيما علاقة الصداقة والأمومة الجميلة التي تجمعها بأنجيلا السيسي . ولكن الوجه الذي لم يغب في الظاهر والباطن هو وجه المرأة المحاربة التي لا تستسلم للضعف رغم لجوئها إلى الطبيب النفسي وأدوية الأعصاب والمهدئات في خضم أزماتها العاطفية والصحية ، إذ لطالما ارتبطت صورة إليسا بالمرأة القوية ولم تكن يوماً منكسرة أو منهزمة . أجاد القيمون على هذا العمل اللعب على أوتار الأحاسيس المتفاوتة بين البكاء والضحك ، الحزن والفرح ، الحنين والفخر ، المصارحة والإعتراف ، وكأن إليسا في هذا الوثائقي تقول على طريقتها : "مهما ابتليتم في حياتكم وصحتكم وعملكم ، It’s Ok لا بأس عليكم ، ستعبرون إلى غد أجمل "، تماماً كما هي عبرت وعبّرت. لعّل أصدق اللحظات في هذا الوثائقي هي كرسي الإعتراف التي جلست عليها إليسا لتخبر مراحل من قصة حياتها ، قد يكون الكثير لم يُرو بعد وبقي طي الكتمان . ولكن الأهم أنّها أزاحت النقاب عن الوجوه الأخرى ، وجعلتنا نحن الذين لا نعرفها حق المعرفة ، نتعاطف معها ونحبها ونصدقها ، رغماً عن أنف المشكّكين .