جورجيا ميلوني
2023-08-16
من بائعة خضار الى رئيسة وزراء
د. ندى أحمد جابر (كاتبة وباحثة في الدراسات الإعلامية)
جورجيا ميلوني.. شقراء جميلة من إيطاليا بلد الجمال والموضة. لكنها اختارت لنفسها طريقاً آخر بعيداً عن مستحضرات التجميل وخطوط الموضة. طريقاً غالباً ما يسلكه الرجال.إنّها المرأة الطموحة التي نشأت في عائلة مفكّكة من والد هجر أسرته ووالدة وحيدة. لم
تتخذ من الفقر وتفكّك أسرتها سبباً لتتوجه نحو الانحراف ، بل على العكس توجهت نحو السياسة مهما بدا المشوار عصّياً ،لكنها المرأة التي إذا ما قرّرت وسعت واجتهدت ، وصلت. نجحت رغم حملات التشويه التي حاولت أن تنال منها.وعلى العكس ، زادتها صلابة وإصراراً. هي التي عملت في طفولتها بائعة للخضار ثم نادلة في إحدى حانات روما، ولكن طموحها كان يدفعها لمتابعة السياسة التي كانت تعشقها، فهي يمينية مثل أمها وليست يسارية مثل والدها. وهكذا نشأت على حب السياسة، أشادت بموسوليني ، لكنها لم تتبّن سياسته. وفي سن الخامسة عشرة، بدأت مشوارها السياسي حيث انضمت إلى حزب (الفاشيين الجدد). هي القادمة من مقاعد الدراسة الإعلامية الحاصلة على دبلوم بالإعلام ،اختارت السياسة طريقاً صعد بها عالياً ،وبسرعة انضمت إلى حركة الطلاب الإيطالية عام 1996 وهي الحركة التي تمّثل حزب (التحالف الوطني) الذي يُعتبر حزباً سياسياً محافظاً. رغم ميولها الفاشية والانتقادات التي طالتها، والإشاعات التي لم ترحمها.. لم يزدها الهجوم عليها إلا إصراراً على متابعة المشوار الصعب الذي اختارته لنفسها. 
وهكذا ،وصلت لتكون أصغر عضو في مجلس مدينة روما، من العام 1998 الى العام 2002 وأصبحت بعد ذلك رئيسة (حركة الشباب) في حزب (التحالف الوطني). وفي العام 2006، أصبحت عضوة في مجلس النواب الإيطالي. ومن ثم وزيرة للشباب. لم يقف طموحها عند هذا الحد،  وصمدت أمام كل محاولات النيل منها وإحباطها، فازدادت قوة. وأنشأت العام 2014 حزب (إخوة إيطاليا) الذي ترأسه اليوم وترأس أيضاً حزب (المحافظين والإصلاحيين الأوروبيين) منذ العام 2020 .وهي حالياً أصغر رئيسة وزراء في إيطاليا. هذه المرأة الحديدية التي ولدت عام 1977، بقيت مثيرة للجدل بمواقفها الصلبة، فهي المتهمة بكرهها للإسلام  ،لم تتوان العام 2014 عن انتقاد إسرائيل وإدانة هجماتها على قطاع غزة.وهوما لم يفعله معظم القادة في أوروبا. وهي المتهمة بمعاداتها ومواقفها ضد الهجرة الى أوروبا. أوضحت أنها ضد طرق الهجرة وضد الوسطاء المرتزقة الذين يعرضون حياة المهاجرين للموت غرقاً ،ودعت إلى تنظيم هذه الهجرة عن طريق الدولة وتحديدها. وهي المرأة التي تحدت أوروبا والعالم بموقفها ضد المثلية الجنسية، وهو الموقف الذي يعتبر رجعياً اليوم في أوروبا ودول العالم ،لكنها تُعبر عن رأيها بشجاعة لا يقدر عليها كبار الرجال. وربما كانت هذه الشجاعة التي جعلتها أكثر جمالاً ونجاحاً. 
هذه الشقراء العنيدة الطموحة عرفت كيف ترد على الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عندما حاول إهانتها، بأن ردت عليه علناً وهي تذكره بما فعلته وتفعله فرنسا في إفريقيا التي تستغل ثروتها وتسخّر أطفالها في العمل داخل مناجم اليورانيوم. وطبعا، بهرت العالم حيث لم يستطع الرئيس الفرنسي أن يرد عليها. جورجيا ميلوني، تُعرف عن نفسها قائلة:" أنا إيطالية.. مسيحية مؤمنة". ومنهم من يأخذ عليها قولها هذا. ويتهمها بمعاداة بقية الأديان ،لكننا لا نجد فيه سوى أنها تعلن إيمانها بدينها وهذا حقها. كما أنها رغم كل ما قيل ويقال من تشويه لصورتها ،تواظب على زيارة الكنيسة. وهذا لا ينقصها بل يزيد احترام اتباعها لها في زمن نسيت فيه أوروبا تعاليم الدين السماوية وانخرطت في نشر الشذوذ والعلاقات غير السوية. نتحدث اليوم عنها بعيداً عن كونها متطرفة ولا تخفي تعاطفها مع موسوليني ونعتها علناً بالفاشية. نحن لا نناقش ميولها السياسية، بل ننظر الى قصة امرأة جريئة مجتهدة صعدت من أزقة روما الفقيرة، لم يُمولها أحد ولم تدعمها جهة ، وهو ما يفسر الهجوم المستمر عليها. لكنها بإصرارها على النجاح بهرت العالم وتحدت الجميع. ولعلنا هنا نتجاهل رضانا أو غضبنا من بعض مواقفها السياسية. ونتعلم من قصتها أن النجاح لا يحتاج لأكثر من اجتهاد ومثابرة. ونتعلم كيف تستطيع المرأة هذا المخلوق الموصوف بالضعف أن تكون الأقوى، ونتعلم أن الأحلام مهما كانت كبيرة ومهما بعدت المسافة بيننا وبين أهدافنا ، نستطيع ان نقطعها بالإيمان بالله وبأنفسنا.

مفاتيح
مقالات
مواضيع ذات صلة
قصة واقعية بطلتها النجمة "البوتوكسية"
إليسا والوجوه الأخرى ...شكراً نتفليكس
جوع الشهرة Don't get Fomo !
السيد درويش ...هل قتلته المخابرات أم المخدرات ؟!
خمس سنوات مع هاني نقشبندي
وقد يكون الحظ ... امرأة !
"لو"....في 4 آب
كاميلا على خطى جدّتها
ياسمين صبري ...الله يصبرك !
عشيقة هتلر السريّة
من جزيرة "بيكيني" المحيط الهادىء إلى "بيكيني " المحيط الغاضب !
رومانسيات قصر باكينغهام
شيرين "نصحانة " أم "ضعفانة" ...ما "خصّكم "؟!
ندين جابر تريد حلاً للحضانة في " للموت"
فخامة الصوت ومعالي الطرب في حضرة سمية
أيام معدودات
ثالثة "للموت " لا نريدها ثابتة و"تصطفل " نادين جابر
طريقها الطويل من أجل يوم
الزلزال الذي أَخرج أثقالها
المثليّة الجنسيّة : دعوة إلى تقبّلها أم الإقبال عليها ؟
من يحاسب تشارلي إبدو Charlie Hebdo؟!
اللقاء الثاني
لماذا ...نتاج ؟
جوائز "جوي أواردز" إضافية !