2023-05-21
من جزيرة "بيكيني" المحيط الهادىء إلى "بيكيني " المحيط الغاضب !
كاتيا دبغي
تقع جزيرة بيكيني وهي كناية عن مجموعة تشعبات صغيرة في المحيط الهادىء. لا يصلح العيش فيها ولا يقيم فيها حالياً سوى 4 أشخاص يهتمون باملاكها المحدودة .وتشير المعلومات إلى أن الجزيرة غير المأهولة ، كانت حقلاً للتجارب النووية . وتم اكتشاف بقايا
فلول عسكرية في قعر المحيط المجاور ، مما يؤّكد استخدامها كقاعدة عسكرية عبر التاريخ . هذه الجزيرة كانت تسمى PIKINNI باللغة المحلية أي "مكان جوز الهند " ، ومنها اشتق الفرنسي لويس ريرد اسم لباس البحر الذي صمّمه بقطعتين ، بالتزامن مع اطلاق أميركا أولى تجاربها النووية في جزيرة بيكيني عام 1947.
ومن جزيرة التجارب النووية بيكيني في المحيط الهادىء إلى جزيرة النوايا المبيّتة في المحيط الغاضب ، وعلى بعد آلاف الأميال وعشرات السنين ، تتجمّع جمهرة من النساء والرجال على شاطىء البحر المتوسط في مدينة صيدا الجنوبية ، ويصرخون "لا للبيكيني " ، هذا الثوب الفاجر الملعون الذي يكشف المحرمّات ويحرك الغرائز ويثير النعرات . لا لاختراع لويس ريرد ، وقد يلام " والله لا يردوا " على فعلته في توريد المعصيات إلى الشاطىء الصيداوي ومحيطه . وتستنجد المنقبات بالآيات القرآنية الكريمة للتأكيد على أن لباس العري محرّم ، وعبثاّ تحاول المراسلة التي تحاورها تفنيد قوانين الحرية الشخصية والمساحات المفتوحة غير الخاضعة لقوانين الشرع والكتاب .
في الجهة المقابلة ، تقف مجموعة من النساء الغاضبات من أنصار البيكيني في محاولة لاقتحام الشاطىء ، وارساء مفاهيم الحرية بارتداء النساء ما شئن والصراخ في وجه الجمهور الغاضب المحافظ "نسوية نسوية " لتسود لغة حوار الطرشان بين نعم للبيكيني ولا للبيكيني ، بين نعم لبنان الحرية والإنفتاح وتقبّل الأخر ولا للبنان التزمت والتعصب والإنغلاق لتحويل الوطن إلى مجموعة جزر مهجورة على غرار "بيكيني " المحيط الهادىء .
مشهد "مبك" لا يختصره لباس البحر البرىء من العقول المتحجّرة ، مشهد يختصر صورة وطن منقسم إلى مجموعة جزر صغيرة ، بعضها ينعم بأقصى الحرية الشخصية ويتغنّى بتنوع الثقافات ، والبعض الآخر يفرض قوانينه المنبثقة من ثقافة حد السيف وشخصنة الشرع محتمياً بأهل الكتاب . وطن منقسم بين من يريد لبنان جنة حريات تحترم التعددية والاختلاف المذهبي وتمنح الفرد خصوصيته ، وبين من يريد لبنان ساحة محرّمات وممنوعات ، وينصبون أنفسهم أئمة يقيمون الحد ساعة يشاؤون وعلى من يشاؤون ..أنا إبنة صيدا المولودة فيها ، وطفولتي ممتدة بين حاراتها في زمن دين الإيمان والمحبة والتعايش ، وليس دين التعصب ، أقف أمام صراع البيكيني اليوم بما يمّثله من رمزية مشهدية خائفة على وطن من أن يصبح مثل جزيرة "بيكيني " النائية ، حقل تجارب للنوايا المتحجّرة ، خائفة على وطن يكاد يتحول إلى مجموعة جزر مبعثرة ، لكل جزيرة دستورها وقوانينها . خائفة على الحريات ليس تمسّكاً بالبيكيني أو البوركيني ، بل خوفاً على تعليب أفكارنا وقولبة ممارساتنا ووضعنا في أطر لا تشبهنا ....شاطىء صيدا اليوم يختصر وطناً  ، ووطن يحضر بكامل أطيافه إلى شاطىء التناقضات .


إعلان ترويجي للسياحة في صيدا عبر طيران الشرق الأوسط عام 1970
مفاتيح
مقالات
مواضيع ذات صلة
قصة واقعية بطلتها النجمة "البوتوكسية"
إليسا والوجوه الأخرى ...شكراً نتفليكس
جوع الشهرة Don't get Fomo !
السيد درويش ...هل قتلته المخابرات أم المخدرات ؟!
خمس سنوات مع هاني نقشبندي
وقد يكون الحظ ... امرأة !
من بائعة خضار الى رئيسة وزراء
"لو"....في 4 آب
كاميلا على خطى جدّتها
ياسمين صبري ...الله يصبرك !
عشيقة هتلر السريّة
رومانسيات قصر باكينغهام
شيرين "نصحانة " أم "ضعفانة" ...ما "خصّكم "؟!
ندين جابر تريد حلاً للحضانة في " للموت"
فخامة الصوت ومعالي الطرب في حضرة سمية
أيام معدودات
ثالثة "للموت " لا نريدها ثابتة و"تصطفل " نادين جابر
طريقها الطويل من أجل يوم
الزلزال الذي أَخرج أثقالها
المثليّة الجنسيّة : دعوة إلى تقبّلها أم الإقبال عليها ؟
من يحاسب تشارلي إبدو Charlie Hebdo؟!
اللقاء الثاني
لماذا ...نتاج ؟
جوائز "جوي أواردز" إضافية !