2023-02-10
المثليّة الجنسيّة : دعوة إلى تقبّلها أم الإقبال عليها ؟
د. ندى أحمد جابر
في سابقة لم تحدث من قبل ،وَقّع الرئيس الأمريكي جو بايدن وفي احتفال أمام آلاف الضيوف على قانون بشأن زواج المثليين. وبعد أقل من عشرة أيام على تبنّيه في مجلس الشيوخ ،أُقرّ القانون في مجلس النواب بأصوات جميع الديموقراطيين ،و39 جمهورياً بينما
عارضه 169 جمهورياً.جاء ذلك بعد الضجة الإعلامية التي انتشرت في الآونة الأخيرة في العالم ،حيث انتشرت ألوان قوس القزح وشعارات مجتمع الميم (كما يسمونه) ،وتطالب بالعدالة والمساوة وتقبّلهم في المجتمعات كما هم، علماً أن الغرب الذي لا يهتم للموضوع أصلاً لم يرفضهم جهاراً.أما في منطقتنا،بصورة عامة نستطيع القول إن كل البلدان العربية ترفض الاعتراف بهذا المجتمع.
ولكن لنستمع لرد أهل "الميم" ،إذ يجب أن نستمع لهم لأننا في فضاء مفتوح وما يقولونه يصل إلى أولادنا ،وعلينا أن نفهمهم لنرد عليهم بالمنطق العلمي الذي يتحدثون به. نحنا لا ندين لوجه الإدانة فقط ،أو لأنهم يختلفون عنّا .نريد أن نفهم... ونحلّل هذه الظاهرة لنستطيع السيطرة عليها قبل تفشّيها.
قال أحد المدافعين:" أنتم دائما تتذرّعون بالقيم الدينية التي تُحرّم المثلية، لكن العلم يؤكد أنّ المثلي خلق بخللٍ ما في جيناته ،فهو مظلوم ولا ذنب له سوى أنه خلق شاذّاً. ويأتي بأبحاث وأدلة هرمونية وجينية تثبت أن المجتمع الغربي تقبّلهم ،لأنه مجتمع يهتم بالعلم ونحن مجتمع متخّلف يتمسك بالتقاليد والمحرمات الدينية. "
هنا دعوني أتوقّف لأحدثهم بلغتهم..
هذا (الجين) الذي يتحدثون عنه والذي يدّعون أنهم يولدون به لم يُثبت علمياً بعد. هناك نظريات عن سبب نشوء هذه الظاهرة منها التحليل النفسي، وهي لا تنكر نظرية الولادة كلياً، ولكنها ترى أن هناك أسباب في الطفولة المبكرة قد تؤدي إلى تكوّن عقدة لدى الفرد تجاه الجنس الآخر. قد يُشكّل الجنس المثلي طريقة للهروب وتجاوز (الحب الممنوع) في بعض المجتمعات، كما قد تكون التربية الخاطئة سبباً في المثلية الجنسية.
الأسباب الهرمونية: تفيد بعض الدراسات ،أنّه بعد إجراء الأبحاث على تأثير الغدد الصماء والهرمونات على الحالة الجنسية ،تبيّن علمياً أنه خلال الحياة الجينية بين الشهرين الرابع والسابع يتكون الجنس المحدد جينياً حسب الأندروجين. هذه الدراسة التي اعتمد عليها الكثيرون من المشجعين على هذا السلوك، هي دراسة صحيحة ولكنها لا تؤّكد أن لا علاج ولا أمل كما يدّعون.. إلا في حالات التشوّه الخلقي (التحوّل الجنسي). وهي تختلف تماما عن المثلية الجنسية. أما الكامل جسدياً، فيمكن التحّكم في ميوله قبل الوقوع في مرحلة الإدمان أو الاعتياد. هذا ليس كلامي.. دعونا نسمع رأي باقي العلماء ممن تخصّصوا في دراسة هذه الحالات.
قال "أندريا جانا" عالم الأحياء بمعهد الطب الجيني في فنلندا: "فحصنا الجينوم البشري بالكامل .ووجدنا بضعة نقاط وعددها خمسة ترتبط بوضوح بمن يمارس سلوكاً جنسياً مثلياً. إن لهذه النقاط تأثيراً ضئيلاً جداً وإنها تشكّل مجتمعة ،ما هو أقل من 1% في فروق سلوك المثلية".
أما نظرية "فرويد" الطبيب النمساوي الشهير ، فتشير إلى أنّ البشر يولدون (مزدوجي الميول) ،وخلال مسيرة نمو الإنسان ينتصر جزء على آخر، لم ينكر فرويد التأثير البيولوجي لازدواجية الميول ،والتي تقوم على أن جميع البشر لديهم القدرة الحيوية على أن يتأثروا جنسياً من كلا الجنسين. لهذه الأسباب وصف فرويد المثلية الجنسية ،كواحدة من عدة خيارات متاحة للأشخاص. واقترح أن ازدواجية الميول المتأصّلة في البشر، تقود في النهاية لاختيار التعبير الأكثر إرضاءً من الناحية الجنسية. و أنّ هذا الخيار يمكن أن يبقى متغيّراَ عبر حياة الفرد.
أما العالم البريطاني "هافوك إليس" (1939-1859) صاحب كتاب "الانعكاس الجنسي"، فقد أوضح أن المشاعر المثليّة قد تتوالد نتيجة لمخاوف من الفشل في العلاقات السوّية مع النساء. كما أن قيود المجتمع تساهم في تطوير الحب من نفس الجنس. (وهذا كلام مهم من عالم كان هو أيضا مثلياً ،ولا يخفي ذلك).
خلاصة القول.. مررنا على أراء فلاسفة وعلماء ،وابتعدنا عن الدين لنكون في تحليلنا أقرب إلى العلم الذي يتخّذه المناصرون للمثلية ذريعة لهم ،فيأخذون من الدراسات والبحوث ما يناسب مزاجهم ويتركون الباقي. وهو جدير بالاهتمام، إذ أن التمعّن في هذه البحوث ،يظهر أن حقيقة توجهّهم للأطفال والمراهقين ،هي دعوة إلى المثلية وليس الوقوف عند تقبّلها فقط ،أما الحل؟ فقد ذكر العالم الأمريكي "روبرت ذا أوبلد" ما معناه "لنُوقف أي انحطاط أو انحراف علينا أن ندرس تطورّه جيداً". التطور اليوم يأتي من الإعلام ،فهل بدأنا ندرس تطوّره لنحمي أطفالنا منه؟ هل تكونّت لجان وبدأت الأبحاث؟ أم اكتفينا كعادتنا بالرفض السلبي.

د. ندى أحمد جابر
كاتبة وباحثة في الدراسات الإعلامية - الإمارات العربية المتّحدة

مفاتيح
مقالات
مواضيع ذات صلة
قصة واقعية بطلتها النجمة "البوتوكسية"
إليسا والوجوه الأخرى ...شكراً نتفليكس
جوع الشهرة Don't get Fomo !
السيد درويش ...هل قتلته المخابرات أم المخدرات ؟!
خمس سنوات مع هاني نقشبندي
وقد يكون الحظ ... امرأة !
من بائعة خضار الى رئيسة وزراء
"لو"....في 4 آب
كاميلا على خطى جدّتها
ياسمين صبري ...الله يصبرك !
عشيقة هتلر السريّة
من جزيرة "بيكيني" المحيط الهادىء إلى "بيكيني " المحيط الغاضب !
رومانسيات قصر باكينغهام
شيرين "نصحانة " أم "ضعفانة" ...ما "خصّكم "؟!
ندين جابر تريد حلاً للحضانة في " للموت"
فخامة الصوت ومعالي الطرب في حضرة سمية
أيام معدودات
ثالثة "للموت " لا نريدها ثابتة و"تصطفل " نادين جابر
طريقها الطويل من أجل يوم
الزلزال الذي أَخرج أثقالها
من يحاسب تشارلي إبدو Charlie Hebdo؟!
اللقاء الثاني
لماذا ...نتاج ؟
جوائز "جوي أواردز" إضافية !