د. ندى أحمد جابر
2023-05-14
رومانسيات قصر باكينغهام
تماماً كما تمتلئ جدرانه العريقة بلوحات الفنون الثمينة وحكاياتها القديمة.. وكما تروى حوله الأساطير العتيقة الملونة بسحب الضباب وعذاب الأحباب ، بقيت رومانسيات هذا القصر العريق تفوح نسماتها بهمس سري في زواياه، لتضج كصاعقة ريح "ترند" مدّوية
خلف الباب، ويقبع الفضول الصحفي متأهبا أمام القصر ينتظر أي تسريب يأتي من عائلة وندسور. العائلة الحاكمة بالبلاد والعباد تاريخياً، والمقيدة داخل القصر الشهير حالياً، وندسور العائلة المغلقة على التقاليد الملكية التي تعشقها بريطانيا العظمى، المشرّعة على الفضائح الشهية ،والتي تعشقها وسائل الإعلام الكبرى والصغرى.. هكذا بقيت حكاياتهم الرومانسية تتردد وسط الناس منذ أن أعلن الملك "إدوارد الثامن" عام 1936 تنازله عن العرش ليتزوج من حبيبته "واليس سمبسون" بعد أن عارض زواجه منها وزراء المملكة ،قائلين إن زواج المرأة التي لديها طلاقان سابقان هو أمر غير مرغوب سياسياً واجتماعياً.. بالإضافة الى ذلك، فإن هذا الزواج قد يتعارض مع وضع الملك إدوارد بصفته رئيساً لكنيسة إنجلترا، والتي رفضت في ذلك الوقت فكرة الزواج بعد الطلاق إذا كان الزوج السابق ما يزال على قيد الحياة. فما كان من الملك العاشق سوى أن رد على اعتراضاتهم بأن تنازل عن العرش ، بعد فترة حكم لم تتجاوز 326 يوما . وتزوج من حبيبته التي أخلص لها حتى وفاته عام 1972.
أما الملكة اليزابيث الثانية، فقصة حبّها للأمير فيليب من أشهر قصص الحب والزواج على مستوى العالم ، وذلك لطول مدتها التي وصلت 73 سنة غرام. علماً أنها أحبته منذ كانت في الثالثة عشر من عمرها ، فهو حب العمر للملكة المحافظة على تقاليد العائلة وقيودها، حيث كانت تجد فيها بريطانيا عظمة تاريخها. نعم ، حرصت الملكة على بقاء قصتها أسطورية كروايات القرون الوسطى بكل عمق مشاعرها، ورغم كونها الأكثر تمسكا بالتقاليد ، فقد تجاوزتها عندما أصرت أن تتشارك هي وفيليب سريراً مزدوجاً وهو ما اعتبر تحدياً للعادات، لكنها بقيت العاشقة المخلصة لزوجها حتى وفاته عام 2021. حزنت وتدهورت صحتها بعد رحيله، وكان عليها أن تواجه منفردة مشاكل العائلة. وبقيت على وفائها لتاجها كما كانت على وفائها لحبيب العمر ، حتى وفاتها في 8 سبتمبر عام 2022 ،ليخلفها ابنها الأمير تشارلز، ولتشارلز مع رومانسيات القصر قصة أخرى كانت مادة دسمة للتداول في الإعلام.
وأخيراً.. تشارلز يتوّج ملكاً على بريطانيا، لكن الملكة التي أحبّها البريطانيون لم تكن هي ملكة قلبه التي اختارها لتكون ملكة على البلاد رغم المعارضات الكثيرة . هكذا هو غرام الكبار. وفي قصر بكنغهام القلب وما يختار ، قصة عشقه لكاميلا التي تخطّت كل حدود التقاليد ، بدأت عام 1970 ،قصة حب ملتهبة استمرت طوال 35 عاماً ، رغم أنها كانت هي نفسها متزوجة ،ورغم رضوخه للتقاليد وزواجه من الليدي "ديانا سبنسر"عام 1981 ،والتي اعتبرت حينها أشهر الزيجات بحفل ضخم أقيم في كاتدرائية القديس بولس في لندن ، ونقلته كل وكالات الأنباء والقنوات العالمية . تباهت بريطانيا العظمي بحفل زفاف أسطوري لولي عهد المملكة حصلت بعده الليدي ديانا على لقب أميرة. أميرة يحبها الشعب ، لكن الأمير قلبه بقي معلقاً بحبيبة قلبه كاميلا. أما أميرة ويلز الليدي ديانا ، فقد فاجأت الصحافة بإعلان انفصالها خاصة بعد فضح قصة عشق زوجها لكاميلا في شريط أذيع عام 1992 ، فكان سبباً لهدم العلاقة بينه وبينها. وشاء القدر أن توفيت الأميرة الجميلة في حادث سير عام 1997. وفي العام 2005 أعلن تشارلز زواجه من كاميلا بعد أن انفصلت الأخيرة عن زوجها العميد في الجيش أندرو باركر بولز الذي كان –وللعجب- من المدعوين لحفل تتويج زوجته السابقة ! رغم أنها كانت على علاقة مع الأمير حتى وهي متزوجة منه. وهكذا سخر العالم من تمسّك بريطانيا بتقاليدها التي أصبحت أشبه بمسرحية مزيفة لتاريخ عريق.
أما آخر حكايات بكنغهام فهي غرام الأمير هاري ابن الملك تشارلز والممثلة الأمريكية ميغان ماركل ذات الأصول الأفريقية ، وهي أيضا مطلقة.. لكنه الحب جعل الأمير يتحدى كل الصعاب ليتزوجها.
وهكذا مازالت الرومانسية تدور حول القصر الجميل.. وما زالت لندن تحلم بعودة مملكة شمسها لا تغيب وتنسى أنها مدينة للضباب.
 من غاب.. غاب ومن بقي ، شمسه تشبه عَصره.. شمس حب يتحدى المستحيل.

د. ندى أحمد جابر 
كاتبة وباحثة في الدراسات الإعلامية
مواضيع ذات صلة
قصة واقعية بطلتها النجمة "البوتوكسية"
إليسا والوجوه الأخرى ...شكراً نتفليكس
جوع الشهرة Don't get Fomo !
السيد درويش ...هل قتلته المخابرات أم المخدرات ؟!
خمس سنوات مع هاني نقشبندي
وقد يكون الحظ ... امرأة !
من بائعة خضار الى رئيسة وزراء
"لو"....في 4 آب
كاميلا على خطى جدّتها
ياسمين صبري ...الله يصبرك !
عشيقة هتلر السريّة
من جزيرة "بيكيني" المحيط الهادىء إلى "بيكيني " المحيط الغاضب !
شيرين "نصحانة " أم "ضعفانة" ...ما "خصّكم "؟!
ندين جابر تريد حلاً للحضانة في " للموت"
فخامة الصوت ومعالي الطرب في حضرة سمية
أيام معدودات
ثالثة "للموت " لا نريدها ثابتة و"تصطفل " نادين جابر
طريقها الطويل من أجل يوم
الزلزال الذي أَخرج أثقالها
المثليّة الجنسيّة : دعوة إلى تقبّلها أم الإقبال عليها ؟
من يحاسب تشارلي إبدو Charlie Hebdo؟!
اللقاء الثاني
لماذا ...نتاج ؟
جوائز "جوي أواردز" إضافية !