2023-09-12
وقد يكون الحظ ... امرأة !
د. ندى أحمد جابر
وليست أيّة امرأة . إنّها الكاتبة سميرة خاشقجي ، الكاتبة والصحفية السعودية ومؤسسة المجلة النسائية "الشرقية " . وهي إبنة الطبيب السعودي محمد خاشقجي الذي كان الطبيب الأشهر في السعودية وطبيب الملك الخاص أيضاً .وهي شقيقة رجل الأعمال السعودي
عدنان خاشقجي . وكانت من أوائل السعوديات اللواتي خرجن لتلّقي العلم في أواسط الخمسينات في مصر حيث درست في جامعة الإسكندرية ، وحصلت على شهادة في الإقتصاد من كلية التجارة .
هذه المرأة التي كان من الممكن أن تكون أكثر النساء سعادة ، كانت للأسف أقلّهن حظّاً رغم نجاحها في الكتابة وإصداراتها المتنوعة التي كانت تكتبها باسم مستعار وهو سميرة بنت الجزيرة العربية ، والتي غلب عليها طابع الحزن مثل كتابها " ذكريات دامعة " الذي صدر عام 1961 ، وكتاب " بريق عينيك " الرواية التي تحولت إلى فيلم سينمائي . وبالرغم من أنّها أسسّت في مدينة الرياض " جمعية النهضة النسائية " ، وأصدرت كتابها " يقظة الفتاة السعودية " عام 1963 ، لكنّها بقيت قليلة الحظ في حياتها العاطفية والعائلية ، حيث تعددّت زيجاتها ، وباءت كلّها بالفشل !
ورغم ذلك الفأل السيء الذي لم يفارقها ، كانت هي مصدر الحظ الكبير بالنسبة إلى ذلك العامل الفقير الذي كان يعمل حمّالاً في ميناء الإسكندرية . هذه الحكاية أعادتها الصحافة العالمية إلى الواجهة مع وفاة الملياردير الشهير محمد الفايد ، الرجل الذي يستحق أن تقف وتسأل نفسك : كيف استطاع هذا الحمّال فقير إقناع سيدة جميلة ثرية ومثقفة بأن تتزوجه ؟ هي التي كان أكبر رجالات مصر والسعودية وأكثرهم ثقافة يتمنون رضاها ، ترضى بالزواج من هذا العامل الفقير الذي لم يكمل تعليمه الثانوي ؟
قد نقول إنّه النصيب ، ولكن لا بد من الإعتراف أن محمد الفايد كان يتمتع بذكاء حاد وحنكة مكّنته من العمل في السعودية مع شقيق زوجته سميرة تاجر السلاح المعروف عدنان خاشقجي ، والذي لا نعرف كيف اقتنع به ليجعله المقرّب إليه ، ويفتح له أبواب الحظ كلّها ، ويجمعه مع عليّة القوم حيث كان ينتظره أيضاً قدر آخر من الحظ الوفير ألا وهو لقاءه بسلطان بروناي أغنى حكّام العالم .
أمّا كيف أقنعه بأن يكون هو المشرف على ثروته ومدير أعماله ، فهناك يرتسم ألف سؤال وسؤال ، ليكون الجواب هو "الحظ " ! هذا الحظ الذي بدأ في قلب إمرأة عشقته رغم فقره ، وكانت باب الخير بالنسبة إليه ، لكنه لم يحفظ الجميل إذ سرعان ما طلقّها بعد أن تمّكن من جمع ثروة وتقرّب من معارف عائلتها . بدأ هو مشوار النجاح والثراء بينما ضاعت هي في مشوار بحثها عن رجل يفهمها . تعدّدت زلاّتها ولم تجد أحداً يسندها ، حتى ابنها الوحيد عماد الفايد المعروف ب "دودي " هجرها وفضّل العيش مع والده ، ولم يعد يسأل عنها !
وفي العام 1985 ، لم يعد قلبها الرقيق يتحمّل ، فأُصيبت بنوبة قلبية فارقت على أثرها الحياة . وتتوالى انتصارات الفايد المالية ، وتمتلىء الصحف بأخبار ثروته التي كانت تزداد يوماً بعد يوم ، بينما تتوالى مآسي عائلة خاشقجي ليخسر شقيقه عدنان ثروته بلمحة بصر ويقضي بقية حياته في عجز وديون ، وسط حيرة لم يفهمها أحد ، لآن أحداً لم يفهم أسرار أعماله المشبوهة سوى ذلك الصديق المقّرب الذي أجاد اقتناص الفرص . هذا هو القليل من الكثير عن قصة أحد أكبر مشاهير هذا الزمن محمد الفايد الذي توفي في شهر أغسطس الماضي في هذا العام تاركاً ثروة كبيرة وعائلة صغيرة مؤلفة من الإبنة كاميليا والإبن عمر والشجار الذي وصل بين الأخ وأخته إلى قاعات المحاكم ، تاركاً حزنه الكبير على وفاة ابنه دودي في الحادث الشهير ، وهو الذي كان يتمنى أن يتزوج من الأميرة ديانا .
توفي محمد الفايد في سن ال84 ، دون أن يحصل على الجنسية البريطانية التي ناضل من أجلها ، ودون ان يبكي مصري واحد عليه ، لآنه نسي في لهاثه وراء الثروة أن يقيم مشروعاً استثمارياً واحداً في بلده يساعد من خلاله أهله . مات ثرياً بالمال وفقيراً في الحب . مات كما بدأ حمّالاً يحمل همّاً وحزناً وحوله القليل من المحبين والكثير من المتملقين . مات ليُدفن غريباً في أرض رفضت استقباله كمواطن فيها .تعلمنا ، أنّه لا يجوز على الميّت إلاّ الرحمة ، ولعّله يستحق الشفقة . رجل كانت بداية حظه ودعمه إمرأة . أحبّته رغم فقره وفتحت له طاقة السعد . أغلق عليها باب البغض ، فماتت بوجع القلب ومات هو ...بكل أوجاع الأرض .
د . ندى أحمد جابر 
كاتبة وباحثة في الدراسات الإعلامية

مفاتيح
مقالات
مواضيع ذات صلة
قصة واقعية بطلتها النجمة "البوتوكسية"
إليسا والوجوه الأخرى ...شكراً نتفليكس
جوع الشهرة Don't get Fomo !
السيد درويش ...هل قتلته المخابرات أم المخدرات ؟!
خمس سنوات مع هاني نقشبندي
من بائعة خضار الى رئيسة وزراء
"لو"....في 4 آب
كاميلا على خطى جدّتها
ياسمين صبري ...الله يصبرك !
عشيقة هتلر السريّة
من جزيرة "بيكيني" المحيط الهادىء إلى "بيكيني " المحيط الغاضب !
رومانسيات قصر باكينغهام
شيرين "نصحانة " أم "ضعفانة" ...ما "خصّكم "؟!
ندين جابر تريد حلاً للحضانة في " للموت"
فخامة الصوت ومعالي الطرب في حضرة سمية
أيام معدودات
ثالثة "للموت " لا نريدها ثابتة و"تصطفل " نادين جابر
طريقها الطويل من أجل يوم
الزلزال الذي أَخرج أثقالها
المثليّة الجنسيّة : دعوة إلى تقبّلها أم الإقبال عليها ؟
من يحاسب تشارلي إبدو Charlie Hebdo؟!
اللقاء الثاني
لماذا ...نتاج ؟
جوائز "جوي أواردز" إضافية !