2023-03-07
طريقها الطويل من أجل يوم
لم يكن يوماً عادياً من أيام العام 1908 في نيويورك ، عندما خرجت النساء في مَسيرة احتجاجية للمطالبة بتقليل ساعات العمل وتَحسين الأجور والحصول على حق التصويت في الإنتخابات. لكن نِضالها استمر حتى العام 1909 ،حيث كانت مبادرة وقف وراءها
الحزب الأشتراكي الأمريكي الذي أقر يوم 28 فبراير من كل عام يوماً للمرأة. أما في الدنمارك، فقد طالب المؤتمر الدولي للنساء في كوبنهاغن، بتحديد يوم دولي للمرأة .وبقيت الأيام تتعارض بين بلد وآخر وسط تَردّد الجهات الرسمية في إعلان هذا اليوم . في زمن لم يكن للنساء فيه أي حقوق لا إجتماعية ولا سياسية، لكن صِراعها من أجل تَخصيص يوم لها كان له أهداف كثيرة على رأسها أن يجتمع العالم باختلافاته السياسية والجغرافية على يوم واحد، ليكون لصوتها الصدى العالمي. هي القابعة في ظل الرجل تتعلم واجباتها ولا يتعلم العالم أنّ لها بالمقابل حقوق. وطال نِضَالها حتى تاريخ 8/3/1914 حيث نظمّت النساء في أوروبا مَسيرات في عدة مدن للمطالبة بحق الإقتراع للنساء والإحتجاج على الحرب العالمية.
لكن هذا اليوم العالمي الموّحد الذي طالبت به النساء لم يتحقق. من ناحية أخرى ،كانت روسيا عام 1917 تطالب في تخصيص يوم الأحد من شهر فبراير للاحتجاج والإضراب، وقد أدت هذه الحركة الى سَن حَق المرأة في التصويت. لكن تحديد اليوم العالمي للاحتفال عالمياً بالمرأة لم يتم إلاّ بعد الحرب العالمية الثانية ،حيث استقر الرأي على تخصيص يوم 8 مارس يوماً عالمياً لها.
وبقيت تنتظر أمام الأمم المتحدة حتى العام 1975 حيث تمّ تكريس يوم موحّد للاحتفال بالمرأة واعترف العالم بهذا اليوم 8 مارس. سنوات طويلة قضتها تناضل من أجل يوم. يوم تستطيع فيه أن تُذكِّر العالم بحقوقها وتُطالب بها. وتَطور الأمر ليصبح يوماً تُكرّم فيه المتميّزات على إنجازاتهن ،وأصبح لكل عام شعار خاص به.
تاريخياً أيضاً كان للمرأة إنجازات يَجدر بنا في هذا اليوم أن نذكر بعضها. ففي العام 1561 ،نشرت الكيميائية الإيطالية إيزابيلا كورتيز كتابها الشهير "أسرار السيدة إيزابيلا كورتيز"،و تَضمن الكتاب وصفات لأدوية وزيوت ومستحضرات تجميل وكان الكتاب الوحيد الذي تنشره كيميائية في القرن السادس عشر. وغيرها الكثيرات حيث شهد القرن السابع عشر بُزوغ نجمات من النساء البارعات في العلوم والرياضيات والأدب. أما مع بداية القرن العشرين فقد حصلت الفيزيائية والكيمائية البولندية المولد "ماري كوري" على جائزة نوبل في الكيمياء. والقائمة تطول.. كل ذلك يدل على أنّ المرأة حتى في العصور القديمة كانت قادرة على العطاء الفكري والإبداعي إذ ما أُتيحت لها الفرصة. وهكذا توالت إنجازاتها إلى يومنا هذا ،حيث واكبت الرجل في كل المجالات وأثبتت قدرتها الفكرية والذهنية ومقدرتها على العطاء والاجتهاد حتى وصلت إلى الهندسة الفضائية والعمل لدى وكالة الفضاء (ناسا). هذه هي المرأة المُناضلة التي كان يُنظر اليها بدونية، أثبتت جدارتها في مجالات كثيرة كانت سابقاً حَكراً على الرجال.
 أما في المنطقة العربية، لا بد أن نَذكر رائدات مثل العالمة المصرية "إيمان غُنيم" التي اكتشفت باستخدام صور الأقمار الصناعية عام 2007 بحيرة ضخمة عمرها 11000 عام في الصحراء الكبرى ،وألقى اكتشافها الضوء على أكبر خّزان للمياه الجوفية الحديثة في العالم. ونذكر هنا أيضا الفيزيائية السعودية "د. ابتسام باضريس" أول سعودية عُيّنت عضواً في "المنظمة الأوروبية للبحوث النووية" وغيرهن الكثيرات.
ومع دخول العالم الألفية الثانية كانت المرأة تتقّدم وتُحقّق الكثير من النجاحات وتُلاقي التقدير والتكريم. وهكذا استطاعت أن تقطع شوطاً كبيراً في تكريس يوم لها. وأصبح يوماً لا نكتفي فيه بتعداد إنجازاتها والفخر بها ،بل أيضا للتذكير أن هذا العالم المُتحّضر الذي ساهمت وتساهم المرأة في تَطوّره.. مازال يحمل في زواياه المُظلمة نساء يتمتعن بالكثير من الذكاء ولا يملكن القدرة ولا الفرصة للتعّلم، ونساء يتحمّلن أنواعاً من العنف والذل في مجتمعات تعيش تحت طائلة الجهل والفقر. وباختصار يشير تقرير هيئة الأمم المتحدة الصادر عام 2022أن أكثر من 37% من النساء العربيات يتعّرضن للعنف ، 29% يتعرضن للختان وأكثر من 700 مليون امرأة يتزوجن وهن قاصرات .
في يومها نُذّكر العالم أن هناك نساء مُستضعفات يسألن.. متى ينتهي هذا الطريق؟

د. ندى أحمد جابر
كاتبة وباحثة في الدراسات الإعلامية

مفاتيح
يوم المرأة العالمي
مواضيع ذات صلة
قصة واقعية بطلتها النجمة "البوتوكسية"
إليسا والوجوه الأخرى ...شكراً نتفليكس
جوع الشهرة Don't get Fomo !
السيد درويش ...هل قتلته المخابرات أم المخدرات ؟!
خمس سنوات مع هاني نقشبندي
وقد يكون الحظ ... امرأة !
من بائعة خضار الى رئيسة وزراء
"لو"....في 4 آب
كاميلا على خطى جدّتها
ياسمين صبري ...الله يصبرك !
عشيقة هتلر السريّة
من جزيرة "بيكيني" المحيط الهادىء إلى "بيكيني " المحيط الغاضب !
رومانسيات قصر باكينغهام
شيرين "نصحانة " أم "ضعفانة" ...ما "خصّكم "؟!
ندين جابر تريد حلاً للحضانة في " للموت"
فخامة الصوت ومعالي الطرب في حضرة سمية
أيام معدودات
ثالثة "للموت " لا نريدها ثابتة و"تصطفل " نادين جابر
الزلزال الذي أَخرج أثقالها
المثليّة الجنسيّة : دعوة إلى تقبّلها أم الإقبال عليها ؟
من يحاسب تشارلي إبدو Charlie Hebdo؟!
اللقاء الثاني
لماذا ...نتاج ؟
جوائز "جوي أواردز" إضافية !