تتعمّد صحيفة تشارلي إبدو الفرنسية عبرمنشوراتها الكاريكاتورية إثارة الجدل بطريقة منافية للأخلاق والإنسانية .فقد تمادت في فجورها الإعلامي من خلال نشر رسم كاريكاتوري يسخر من الزلزال الذي حصد لغاية اليوم، ما يقارب 11 ألف قتيل إلى جانب 23
مليون شخص متضرّر من الزلزال حسب إعلان منظمة الصحة العالمية .
هذه المأساة الإنسانية الخانقة، التي من المفترض أن تتكافل كل الطاقات البشرية وتتضامن كل وسائل الإعلام لمساندة ضحايا الزلزال والعائلات المشردّة والمفقودين ،الذين لم يزالوا مطمورين تحت الركام في أسوأ كارثة طبيعية ، تفاجئنا الصحيفة الفرنسية الساخرة ، وهي تتمادى في قلّة الحياء وعدم احترام المشاعر الإنسانية .
تشارلي إبدو المتخصّصة في نشر الرسوم الهزلية حيث يحتل الكاريكاتير جزءاً كبيراً على صفحاتها ، لم تّوظف طاقات رسامي الكاركاتير لديها لخدمة ضحايا الزلزال ومساندتهم، بل اختارت السخرية منهم ، عن طريق الإشارة و- كما يُفهم من الرسم - أنّه لم تبق هناك حاجة لإرسال دبابات إلى تركيا ، لأن الجميع قد قُتل من جرّاء الزلزال ! وبالرغم من الهجوم الواسع والإستنكار الذي قوبل به المنشور ، إلاّ أنّ الصحيفة لم تنشر أي اعتذار أو توضيح ، وبادلت بالصمت كل الضجّة التي أثارها رسمها المستفّز. وأسفر كاريكاتير الدبّابات – كما سميّ – عن غضب كبير في تركيا حيث عبّرت شخصيات ناشطة عبر مواقع التواصل الإجتماعي عن سخطها من الكاريكاتير الصادم .
وكانت الصحيفة المذكورة قد نشرت الرسم المشين يوم أمس تحت عنوان Le dessin du jour أي رسم اليوم ، مما استدعى رد 32 ألف متابع عبر تويتر ممن هاجموا الصحيفة ،ومن ضمنهم شخصيات عربية وعالمية ، أجمعت على استنكار هذا الفعل واعتباره إهانة للكرامة الإنسانية وللبشرية جمعاء .
لقد تعمّدت تشارلي إبدو إثارة كل هذا الغضب من خلال نشر الرسم في تغريدة حصدت أكثر من 30 مليون مشاهدة ، هو مجموع مشاهدات مجمل تغريدات حساب الصحيفة الفرنسية لمدة سنة .لا يكفي اليوم مجرد حملة لمقاطعة تشارلي إبدو أو الدعوة لإغلاق حساباتها عبر وسائل التواصل الإجتماعي كونها تثير النعرات وتنشر خطاب الكراهية ، بل ينبغي أن يُحاسب من يستهتر بآلام الناس ويسمح للعقول المريضة بالسخرية من مآسيهم .
اليوم ،لا نقول فقط قاطعوا إبدو ....بل حاسبوها واقطعوا يد – بالمعنى المجازي – كل من يهزأ بكارثة بمثل هذه الفداحة ، من خلال رسم أو مقال أو منشور . هذه ليست حرية رأي وتعبير . هذا فجور إعلامي ولا يمكن وصفه بأقّل من ذلك .