سمية البعلبكي
2023-04-01
فخامة الصوت ومعالي الطرب في حضرة سمية
رئيسة التحرير كاتيا دبغي
 لم تكن ليلة عادية على مسرح مونو في بيروت ، هذه المدينة التي نتصّيد مساحات الفرح فيها،  ونتقصى عناوين مبهجة نهرع إليها متعطشين لممارسة الشيزوفرينيا عمداً . نعم ، نلجأ إليها ، نتقمّصها ، نطرد هذا الآخر فينا المتمثّل باللبناني المثقل بهموم الوطن وأزماته المتلاحقة . وكان الهروب جميلا ً في ليلة مونو .مسرح بأنوار خافتة يكافح مثل غيره من المسارح القليلة الباقية في بيروت ليكون "الأوكسجين " عندما نقارب  الإختناق . نهرب لنحلم قليلاً ، نفرح ، نحيّي ماكينة التفكير في رؤوسنا التي باتت معلبّة بمكونات سامّة .أعرف تماماً ما ينتظرني في مونو ، ليس صعباً توقعّه أو تخيّله . كنت على يقين أنني سأنفصل تماماً خلال ساعتين عن كل ما يحيط بي/بنا –لأننا نتماهى في لغة يومياتنا ولا تفرق كثيراً . أعرف جيداً أنني سأنتقل إلى زمن آخر ، وكوكب آخر وأرافق العمالقة في  ليالي الآنس في بيروت . 
أدركت فور دخولي إلى الصالة الممتلئة أنني على موعد مع ليلة من خيال ، وجوه مثلي "هاربة باحثة " ، أضف إليها جمهورا مثقفا  "ذويق " أتى ليواعد "السلطنة " والطرب الأصيل في بيتها وعلى مسرحها حيث تغني السميّة .سمية البعلبكي ، لمن لا يعرف ليست مطربة فوق الحدود بل هي أيضاّ الصوت الشافي الذي بإمكانه وحده مداواتنا بكل ما يحمله من قدرات خارقة على بعث الفرح ونثر السعادة . أضف إلى ذلك خلطة موسيقية مخضرمة مع أمهر العازفين بقيادة "المعلم" نبيه الخطيب لترفع من منسوب الأدرينالين . افتتحت سمية البعلبكي أمسيتها الماسيّة ب "أوعدك " لسعاد محمد لنعد أنفسنا بليلة لا تنسى ، ثم كرّت سبحة الطرب مع "أنا في انتظارك " ، ليالي الأنس في فيينا ، جفنه علّم الغزل ، على رمش عيونها ، حب إيه ، يا بو ضحكة جنان وغيرها من "ريبيرتوار " العمالقة . وفي المقابل ، جمهور الصالة تحوّل إلى مجموعة عشّاق على فرقة كورس على "فانز " نخبوي،  يدرك تماماً متى يطلق الآهات ويخرجها من عنانها مع كل "تطريبة " .بدا واضحاً مدى التناغم بين سمية البلعبكي وجمهور الصالة ، كأنهم زوارها تستقبلهم في بيتها وتعدهم بوجبة حب دسمة . تتدلّل عليهم لعلمها بمكانة صوتها واسمها في قلوبهم .
تدرك تماماً أنهم "يحفظونها غيباً " بمعنى أنهم يعرفون ماهية الخلطة التي تقدمها وتبدع فيها ,ينتظرون مواعيدها ويحتفون معها بجلالة الصوت وفخامة الطرب في زمن الفن الضحل . نعم " الضحل " أو أي تسمية أخرى للفن الهابط ، النشاز ، القرقعة ، الرخص ، التشويه . هنا في المقلب الآخر ، نرمي بعض أذواقنا المتموضعة مع الموجة السائدة في الخارج، وندخل عالماً آخر لنطهّر ما تبقى من أسماعنا ، نرتفع نرتقي نحلق ونطير وماذا بقي بعد من مترادفات للإرتقاء إلى مرتبة صوت سمية البعلبكي .
ليس مديحاً ولا إطراء ولا مغالاة ، هذا الصوت - وعلى كفالتي- بإمكانه أن يرفعك إلى سابع السماوات ،ويأخذك إلى النعيم ويرسم لك ألوان السعادة ويحوّل قلبك إلى قلب طفل صغير ، ويعطيك قبل أن تغادر المسرح مؤونة فرح وأمان قد تكفيك لموعد آخر حسب تاريخ الصلاحية ، نأمل ان لا يكون كما ختمت سمية سهرتها "زوروني كل سنة مرة " نريدها مرات ...مرات كثيرة .... وأكثر .



مفاتيح
مقالات
مواضيع ذات صلة
قصة واقعية بطلتها النجمة "البوتوكسية"
إليسا والوجوه الأخرى ...شكراً نتفليكس
جوع الشهرة Don't get Fomo !
السيد درويش ...هل قتلته المخابرات أم المخدرات ؟!
خمس سنوات مع هاني نقشبندي
وقد يكون الحظ ... امرأة !
من بائعة خضار الى رئيسة وزراء
"لو"....في 4 آب
كاميلا على خطى جدّتها
ياسمين صبري ...الله يصبرك !
عشيقة هتلر السريّة
من جزيرة "بيكيني" المحيط الهادىء إلى "بيكيني " المحيط الغاضب !
رومانسيات قصر باكينغهام
شيرين "نصحانة " أم "ضعفانة" ...ما "خصّكم "؟!
ندين جابر تريد حلاً للحضانة في " للموت"
أيام معدودات
ثالثة "للموت " لا نريدها ثابتة و"تصطفل " نادين جابر
طريقها الطويل من أجل يوم
الزلزال الذي أَخرج أثقالها
المثليّة الجنسيّة : دعوة إلى تقبّلها أم الإقبال عليها ؟
من يحاسب تشارلي إبدو Charlie Hebdo؟!
اللقاء الثاني
لماذا ...نتاج ؟
جوائز "جوي أواردز" إضافية !