"ابتكار" مذيعة في قناة الجزيرة، من يراها للوهلة الأولى يظنُّ أنّها إنسانةٌ عاديّة، فتاةٌ جميلة تتقنُ اللّغة العربية ذات صوتٍ عذب تقوم بعملها على أكمل وجهٍ. لكن في الحقيقة، ما هي إلاّ كائن وهمي ،لا وجود له، هي نتاج الذّكاء الاصطناعي وممثّلة لهويّة "معهد الجزيرة للإعلام". ظهور "ابتكار" للمرّة الأولى أثار ضجّة كبيرة على مواقع التّواصل الاجتماعي واستدعى تخوّفاً من اضمحلال مهن عدّة في المستقبل القريب بسبب الذّكاء الاصطناعي.
"ابتكار" تطلّ على الجمهور في منتدى الجزيرة
"ابتكار" خلال منتدى الجزيرة الرّابع عشر
ظهرت "ابتكار" للمرّة الأولى في منتدى الجزيرة الرّابع عشر في الدّوحة،الذّي يُعدّ رائداً في مجال مواكبة التطوّرات التّقنية والفنيّة، عبر مقطع فيديو ، ضمن جلسة الذّكاء الاصطناعي في الإعلام. وقد عرّفت "ابتكار" عن نفسها بأنّها مذيعة تعملُ بتقنية الذّكاء الاصطناعي وممثلة لهويّة "معهد الجزيرة للإعلام". تُجيد التّفاعل مع المحيط بشكل طبيعي جدّاً وتشعر بالملل من الأوامر الّتي تتلقاها من البشر ومن ثمّ تنفّذها. وأنّ اليوم، أي عند انعقاد المنتدى، هو يومها الأوّل في الانضمام إلى أسرة المعهد. لتنتقل بعدها إلى اطّلاع الجمهور على برنامج المؤتمر.
مذيعة الذّكاء الاصطناعي تُقاطع مذيعة الجزيرة
لم تكن اطلالة "ابتكار" عادية، فهي أبقت الجمهور برهةً طويلة في حالة من الدّهشة والحيرة، وبخاصة عندما قاطعت مذيعة الجزيرة روعة أوجيه لدى اطلاعها الحضور على برنامج المؤتمر. حيث قالت: "عفواً سيّدة روعة هذه مهمّتي!" وأضافت:"غريبٌ أمركم أنتم البشر، دائماً ما تتعدون على حقوق الآخرين!"
وكانت "ابتكار" قد حلّت مكان مذيعة "هاشتاغ الجزيرة"، ميسون الدّخيل خلال الجلسة. كما أجرت حواراً مع ضيف البرنامج الدّكتور طالب الأشقر،المتخصّص بالذّكاء الاصطناعي. وسألته عن أسباب تخوّف البعض من الذّكاء الاصطناعي. ليُجيبها بأنّ هذه التكنولوجيا قادرة على توليد بيانات غير صحيحة ،مع العلم أنّها لا تبدو كذلك. وأنّها ستحلُّ قريباً محلّ الوظائف البشرية مسبّبة الضّرر للكثير.
تخوُّف الجمهور من سيطرة الذّكاء الاصطناعي
بعد الظّهور الصّادم للمذيعة الروبوت "ابتكار" وتربّعها على عرش الترند على مواقع التّواصل الاجتماعي، تخوّف المتابعون من سيطرة الذّكاء الاصطناعي في عالم الإعلام. كما وطُرِحت العديد من الأسئلة المصيريّة عمّا إذا سيحلّ الذكاء الاصطناعي بديلاً عن الإنسان في وظائف عدة مهدّداً بتلاشيها وزوالها في المستقبل القريب. بالإضافة إلى الزّيادة في معدّلات البطالة نتيجة تطوّر الذكاء الاصطناعي مع الوقت.
مذيع قناة الجزيرة جلال شهدا :ابتكار تجربة فريدة
جلال شهدا
تعقيباً على تجربة "ابتكار " مذيعة الذكاء الإصطناعي ، استطلع موقع "نتاج " رأي الإعلامي والمذيع الرّئيسي في قناة الجزيرة. والمدرّب المعتمد في معهد الجزيرة للإعلام حيث سألناه عن تقييمه لهذه التّجربة الرّائدة، فكان ردّه أنّه يُدرك أهمّية الذّكاء الاصطناعي في عالمنا الحالي وفي مجال الإعلام، ويعتقد أنّ التّجربة فريدة ومهمّة ولكنّها تبقى محصورةً في ميادين ومنصّات معيّنة ولا يُمكن تعميمها. وبالرّغم من أنّ "ابتكار" قادرة على التّعامل والتّفاعل مع محيطها بشكل طبيعي، إلاّ أنّ ذلك يبقى محصوراً في نطاقٍ ضيّقٍ، خاصّة في الإعلام الإخباري.
أمّا بالنّسبة للتّهديد الذي قد تشّكله المكننة الإعلامية على مهنة المذيع والإعلامي الحقيقي، فطمأن شهدا بأنّ هذه التّجربة لا تشكّل أي تهديد على مهنة المذيع، لأنّه في" الجزيرة" يتمّ التّعامل مع الأخبار بدقّةٍ عالية وحرص. ولا تُقدَّم الأخبار قراءةً فقط ، بل يتمّ تحليلها بعمق والبحث عن مصدرها وخلفيّاتها من جوانب عدّة. ويضيف جلال شهدا ، قائلا ً:"لا يمكن للذّكاء الاصطناعي، من خلال "ابتكار" أو غيرها، التفاعل مع الأخبار العاجلة الّتي تتزاحم بغزارة حاليّاً. وما ينتجُ عنها من تدفّق للمعلومات وتغطيات مباشرة تمتدّ في بعض الأحيان لأيّام. بالإضافة إلى التّحقّق من المعلومة وصحّتها قبل النشّر توخّياً للمصداقية والحياديّة. "
وفيما يخصّ ردود الفعل من داخل قناة "الجزيرة" على هذه التّجربة، فاعتبر جلال أنّها كانت واقعيّة على مستوى الحدث في جلسة الذكاء الإصطناعي خلال المنتدى. وهو دليلٌ آخر على تطوّر الذّكاء الاصطناعي الّذي يحظى بأهمّية في مجال الإعلام، لكن يبقى التّعامل معه بحذرٍ واجب! فالإفراط بالتّعامل مع الذّكاء الاصطناعي، قد يولّد معلومات وبيانات أو أخبار غير دقيقة. وخيرُ دليلٍ على ذلك، صور اعتقال الرّئيس الأميركي دونالد ترامب، الّذي تبيّن لاحقاً أنّها من عمل الذّكاء الاصطناعي ولا صحّة لها على أرض الواقع. وغيرها للبابا فرنسيس. وختم شهدا رأيه بالتأكيد على أنّ الذّكاء الاصطناعي يعتمد على المعلومات المخزّنة والملقّمة وليس على تماس مباشر مع الواقع.