يبدو أنّ سيناريو الجرائم النّسائية لم ينتهِ بعد، بل هو يُواصل فصوله مع ضحايا جُدُد. ففي السّاعات الأخيرة، تصدّر اسم البلوغر العراقية طيبة العلي منصّات مواقع التّواصل الاجتماعي كافّة، وذلك بعد انتشار خبر مقتلها على يد والدها تحت مسمّى "الشّرف".
مقتل طيبة أعاد إحياء شريط سلسلة من أفظع جرائم القتل الّتي هزّت الرّأي العام في السنتين الأخيرتين، وخصوصاً في العالم العربي. جرائم تتعارض مع مفهوم الانسانيّة وتتنافى مع القيم والأخلاق، ضحاياها شابّات ونساء في ربيع عمرهنّ.
في هذا التّحقيق، سنستعرض أبرز الجرائم والقضايا النسائية الّتي تحوّلت إلى قضايا رأي عام. مع العلم أنّ هناك الكثير من الجرائم الّتي حصلت وربّما لم يعلم أحد بها، أو لم يتمّ تسليط الضوء عليها كما يجب.
طيبة العلي: ضحيّة غسل العار
طيبة العلي بلوغر عراقيّة معروفة على مواقع التّواصل الاجتماعي كافّة. فهي تمتلك حساباً على انستغرام يتابعها حوالي 166 ألف متابع ، لكنّه خالٍ من أي منشور. ولديها قناة على يوتيوب ، تضّم حوالي 15 ألف مشترك،وتتضمن عدة فيديوهات تمّ تصويرها في اسطنبول ، وتجمعها مع خطيبها كما يبدو في هذا الفيديو .
كانت طيبة العلي مقيمة في اسطنبول في الآونة الأخيرة بسبب مشاكل عائليّة. يُقال أنّها انتقلت هرباً من شقيقها الذي كان يُحاول مراراً التّحرّش بها. كما أنّها مرتبطة من شاب سوري يُدعى محمّد الشّامي. قرّرت طيبة زيارة بلدها العراق لحضور بطولة" خليجي 25"، لكنّها لم تكن تعلم أنّها ستلاقي حتفها. وفي التّفاصيل ،أنّ طيبة كانت موجودة في منزل إحدى صديقاتها، وعند علم عائلتها بذلك ، تمّ إحضارها قسراً إلى المنزل وتخديرها قبل تنفيذ الجريمة. ليُسلّم الوالد نفسه من بعدها، ويعترف بجريمته الفظيعة. إذ اعترف الأخير أنّه خنقها حتّى الموت بداعي "الشّرف"، لأنّها تمرّدت على العادات والتّقاليد. وهو لا يزال قيد التّحقيق. والجدير ذكره، أنّ طيبة تعرّضت لتهديدات من عائلتها، ممّا دفعها للإستغاثة ببعض المنظّمات الحقوقية النّسوية، والمطالبة بنشر التسجيلات في حال تعرّضت للقتل، كما تحدّثت عن تحرّش أخيها بها.
ليست طيبة أوّل ولا آخر النّساء اللّواتي وقعن ضحية الظّلم والذكورية، بل هناك العديد من النّساء والشّابات اللّواتي دفعن الثّمن أيضاً. وفيما يلي، سنستعرض أبرز الجرائم النّسائية الّتي هزّت الرّأي العام في السّنتين الماضيتين. من نيّرة اشرف إلى بسنت خالد ، كلّها جرائم مجرّدة من الانسانيّة ، وهؤلاء هنّ أبرز الضحايا .
نيّرة أشرف: ضحيّة الرّفض
اجتاحت جريمة المنصورة مواقع التّواصل الاجتماعي في البلاد العربيّة في العام الماضي ، وسط سخط عارم من قبل روّاد مواقع التّواصل الاجتماعي. هذه الجريمة المروّعة كانت ضحيّتها الشّابة نيّرة أشرف، والّتي قُتِلت ذبحاً على يد شاب في وضح النّهار، بعدما رفضت الارتباط به. وقد وثّقت كاميرات المراقبة هذه الحادثة، حيث أظهرت مقاطع فيديو شخصاً يجري وراء فتاة ومن ثمّ ينحرها بسكّين خارج أسوار جامعة المنصورة دون أيّ تدخّل من المارّة. وبعد إلقاء القبض على القاتل والتّحقيق معه، قضت المحكمة المصرية عليه بالاعدام. كما حثّت على إصدار تعديل يتيح نشر وإذاعة عمليّة تنفيذ حكم الاعدام، ولو جزءاً من بداية التّنفيذ كي يكون عبرة لمن اعتبر.
وأفادت التّحقيقات أنّ نيّرة كانت تتلقّى من المتّهم رسائل تهديد بالذّبح عبر تطبيقات وسائل التّواصل الاجتماعي. وأنّ المجرم قد خطّط لهذه الجريمة واختارأداة ارتكابها وموعد ومكان تنفيذها. وقد صمّم على أن يكون موعد التّنفيذ خلال انعقاد الامتحان الخامس في 20 يونيو 2022 حيث توجّه إلى الجامعة وبحوزته السّكين الّذي اشتراه خصّيصاً لافتراس ضحيّته. اختار هذا النّوع من السّلاح لكونه طبّاخاً وله إلمام ومهارة في استخدام السّكاكين. وكان يتعقّب الضحية وزميلاتها في كلّ خطوة، ولمّا اغتنم الفرصة المناسبة استلّ السكين وانقض عليها كأنّها فريسته. انهال عليها طعناً من الخلف فسقطت أرضاً على مرأى من زميلاتها.
إيمان أرشيد: جريمة المنصورة تكرّرت في الأردن
سيناريو المنصورة تكرّر لكن بشخصيات مختلفة وبلد آخر. فالقدر أراد أن يجمع بين نيّرة أشرف وإيمان أرشيد تحت عنوان واحد هو الرّفض. فإيمان أرشيد، الشّابة الاردنية، لاقت حتفها بستّ طلقات ناريّة من قبل شابّ رفضت الارتباط به، وذلك في حرم جامعة العلوم التطبيقية في الأردن.ووفقاً لبيان أصدرته مديريّة الأمن العام الأردنية والّذي جاء فيه أنّ الضّحية لم تتوفّ على الفور، بل نقلت إلى المستشفى بحالة سيّئة لتفارق الحياة لاحقاً متأثرة بجراحها. بالاضافة إلى أنّ المجرم لاذّ بالفرارمن مسرح الجريمة، وعلى الفور بوشرت التّحقيقات لتحديد هويّته وإلقاء القبض عليه. وتجدر الاشارة إلى أنّ هذه الجريمة قد حصلت بعد أيام من وقوع جريمة المنصورة في مصر. كما أنّها أحدثت ضجّة كبيرة على مواقع التّواصل الاجتماعي حيث أطلق ناشطون حملة للمطالبة بالقاء القبض على المجرم ومحاسبته، مندّدين بجرائم العنف المتكرّرة.
أمّ وبناتها الثلاث: ضحايا جريمة وحشيّة
عن سابق تصوّر وتصميم، أطلق ح.فيّاض وح.غناش النّار على الأمّ باسمة وبناتها الثّلاث تالا، ريم ومنال من سلاح صيد في مغارة في بلدة أنصار جنوب لبنان. وفي تفاصيل الرّواية جاء أنّ فيّاض قد صمّم على دعوة الأمّ وبناتها على عشاء وهمي في أحد المطاعم في صور. لكنّه توجّه بهنّ إلى المغارة الواقعة بين الأنصار والزرارية، حيث كان ينتظره هناك السّوري ح.غنّاش بحجّة إعطائه أموالاً يُدين له بها.وأقنع فيّاض الضحايا للنّزول وتفقّد المغارة لأنّها تصلح للنّزهة. وعند نزولهنّ إلى المغارة تمّ تنفيذ الجريمة من قبل القاتلين مع الحرص على إخفاء آثارها كأنّ شيئاً لم يكن. ظلّت الأمّ وبناتها مفقودات لمدّة 25 يوماً. وعندما تمّ اكتشاف مقتلهنّ تمكنت الأجهزة الأمنية اللّبنانية من العثور على جثثهنّ، واستدراج كلّ من فيّاض وغنّاش وإلقاء القبض عليهما.وبحسب اعتراف القاتل فيّاض أنّه أقدم على قتلهنّ لأنّ تالا الّتي تربطه بها علاقة عاطفية قد تركته وتعرّفت إلى آخر. وهذا ما دفعه لتنفيذ جريمته الوحشيّة بتحريض من شريكه غنّاش.
مهسا أميني: ضحيّة شرطة الأخلاق الايرانيّة
تحوّلت الشّابة الكردية مهسا أميني من ضحيّة إلى رمز لتمرّد الايرانيين عامّة والنّساء خاصّة ضدّ النّظام الإسلامي الحاكم في إيران. فمهسا قضت ضحية شرطة الأخلاق الايرانيّة بحجّة أنّها انتهكت قواعد اللّباس المشدّدة في إيران. فتمّ اعتقالها في طهران لدى شرطة "الأخلاق". وبعد ثلاثة أيّام فارقت الحياة إثر نوبة قلبيّة وموت دماغي. وأفادت المعطيات أنّها تعرّضت لإصابات بليغة وأضرار دماغية.
ومع لفظ مهسا أنفاسها الأخيرة، عمّت الاحتجاجات شوارع إيران وتعالت الهتافات ضدّ النظام بالإضافة إلى المطالبة بمعاقبة عناصر شرطة الأخلاق. هذه الحادثة لم تمرّ مرور الكرام على مواقع التّواصل الاجتماعي، حيث عبّر الناشطون عن غضبهم وحزنهم إزاء ما حصل.
لبنى منصور: ضحيّة أخرى والقاتل زوجها
لبنى منصور، شابّة أردنيّة تعيش في الامارات، قُتِلت على يد زوجها نتيجة خلافات شخصيّة بينهما ومن بينها قضيّة الطّلاق. وبحسب رواية الشرطة، فإنّ الشّابة لبنى قد قُتِلت طعناً وهي في سيّارتها على يد زوجها. وذلك في أحد مواقف سّيارات المبنى، ثمّ فرّ زوجها هارباً بسيّارة الضحية وهي معه جثّة هامدة. ولكن تمكّنت الشّرطة بسرعة قياسيّة من القاء القبض عليه قرب الشاطئ خلال ساعتين فقط. وبعد التّحقيق معه اعترف القاتل بجريمته. هذه الجريمة أثارت تعليقات روّاد مواقع التّواصل الاجتماعي وفتحت الجدل الجديد القديم حول العنف ضدّ المرأة ومسألة الطّلاق.
بسنت خالد: ضحيّة الابتزاز الالكتروني
"ماما أرجو إنّك تفهميني... دي صور متركبة... واللّه العظيم وقسماً باللّه دي ما أنا... أنا يا ماما مش البنت دي... أنا يا ماما جاني اكتئاب بجد... أنا مش قادرة... أنا بختنق أنا تعبت." بهذه الكلمات المؤثّرة ودّعت الشّابة بسنت خالد ابنة السبعة عشر عاماً والدتها ووضعت حدّاً لحياتها بتناولها حبّة الغلال القاتلة. وسبب إقدامها على الانتحار هو أنّها تعرّضت للابتزاز إلكترونيّاً بصور مفبركة من قبل مجموعة من الشّبان يُقال أنّ ابن عمّها واحد منهم. وتمّ تداول هذه الصّور داخل قريتها. وقد قرّرت المحكمة المصريّة معاقبة المتّهمين في القضيّة بالسّجن لمدّة تترواح بين الخمس والخمس عشرة سنة.