ثالثة "للموت " لا نريدها ثابتة و"تصطفل " نادين جابر
جوزفين حبشي - ناقدة وكاتبة
سحر وريم نجتا من الموت، ولكن كيف سننجو نحن من "للموت"؟ كيف سننجو بعد إنتهاء الجزء الثالث، من إشتياقنا لهاتيّن المرأتيّن اللتيّن تختصران بتركيبتهما كافة النساء؟ كيف يمكننا أن ننسى هذه الثنائية التي تتماهى معها كل إمرأة ( عربية تحديداً) لأنها مزيج ( وإن بنسب متفاوتة) من: قوة وضعف، ذكاء وسذاجة، جمال وقبح ، طيبة وقسوة، مبادئ وانحلال، إنتصار وإنكسار، جرح وسكين، وجع وبلسم، أبطال وحرامية.
هاتان المرأتان، سحر وريم، لم تنصهرا بماغي بو غصن ودانييلا رحمة وحسب، بل فينا نحن النساء أيضاً. ومثل ماغي ودانييلا، سيكون من الصعب علينا أن نقلب صفحتهما وننتقل إلى شيء أخر.
نعم، منذ أولى حلقات" للموت ٣"، أنا شخصياً "أعتل همّ " كل إمرأة وجدت فيهما دافعاً للثورة على أي ظلم تعرضت له، مهما كان نوع هذا الظلم(مأساة عائلية ، يتم، إغتصاب، تعنيف، تحجيم، تحرّش جنسي أو لفظي أو معنوي، جوع، قسوة، حرمان…) ومهما كان أسلوب الوقوف مجدداً بعد الوقوع( أخلاقيا كان أو غير أخلاقي).
نعم، أنا مع الوقوف مجدداً بعد السقوط، ومهما كان أسلوب الوقوف، فنحن بشر في النهاية، مزيج من خطأ وصواب، من ملائكة وشياطين، من خير وشر. ولا داعِ لنهاية تقتص وتعاقب الخطأة، خصوصاً إذا كان العقاب الفعلي سابقاً للجرم، وما أكثر كمية العقاب التي تتعرّض لها النساء، مقارنة بكمية الثائرات على ظروفهن.
و تريدون أكثر من ذلك؟ لا شيء أكثر قسوة وظلماً وانعداماً للأخلاقيات من كسر إمرأة وإجبارها على السكوت والرضوخ بحجة العيب وال" مابيسوى"، "والقانون بياخدلك حقك"( مع أنه لا يقف دائماً في صف المرأة) . أيضاً لا شيء خاطئ بقدر إقناع إمرأة بمقولة " الله بياخدلك حقك"، وكأننا بذلك نُصبِّرها على مصيبتها، ونوهمها بأن الله شريك بعدم وصولها إلى حقها، ونقنعها بعدم المطالبة بما هو لها، حتى لا تخطيء بحق من أخطأ بحقها. أصلاً، لماذا عليها ألا تخطئ؟ اليست إنساناً أولاً وبشراً ثانياً، والبشر يخطئون؟ سحر وريم علّمتانا ألا نصمت على الخطأ، ألا نستسلم للظلم ، ألا نرضخ للظروف، مهما كانت الطريقة، مهما كان الأسلوب، مهما كان الثمن، و… مجدداً، أعود لأكرر أن الثمن ليس بالضرورة أن يكون عقاباً لما سيتأتّى عنهما من أعمال " خارجة عن القانون" ، فما سبق من أعمال خارجة عن قانون الإنسانية والرحمة والعدل بحقهما في طفولتهما، كان عقابهما غير المستحق، والذي مهّد لثورة مُحقّة. نعم، منذ الآن أنا شخصياً أعتل همّ غياب هذه الثنائية النسائية التي لم نر مثلها كثيراً في الدراما العربية، وهذه الإزدواجية في شخصية كل إمرأة، مهما إختلفت النسب . أنا شخصياً سأشتاق لهذا المثال الحقيقي للشيطانات الملائكة، العاشقات، القاسيات ،الطيبات، الذكيات، السليطات اللسان ، الجميلات رغم بشاعة ما أقدمن عليه وقد يقدمن عليه. أنا شخصياً سأشتاق لسحر وريم ، ويستحيل أن أكرههما مهما " فظّعتا" لأنهما جزء مني ومن كل إمرأة.
"للموت ٣" بدأ، ومنذ الآن "أعتل همّ" نهاية الجزء الثالث، و كما قال رشيد الضعيف في كتابه الشهير " تصطفل ميريل ستريب"، أقول للكاتبة المبدعة نادين جابر، وشركة الإنتاج " إيغل فيلمز" والمخرج الإستثنائي فيليب أسمر، "إصطفلوا، ما بدّنا تخلص قصة سحر وريم.